فولكر تورك يحذر: خطة السيطرة الإسرائيلية تهدد مستقبل الفلسطينيين في غزة

فولكر تورك يحذر: خطة السيطرة الإسرائيلية تهدد مستقبل الفلسطينيين في غزة
المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك

دعا المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، إلى الوقف الفوري لخطة إسرائيل الرامية إلى فرض سيطرة عسكرية شاملة على قطاع غزة، ووصف المسؤول الأممي هذه الخطة بأنها تمثل خرقًا صريحًا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، وتتناقض بشكل مباشر مع الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وجاءت تصريحات تورك في بيان، اليوم الجمعة، وذلك في أعقاب مصادقة المجلس الوزاري الأمني المصغر في حكومة إسرائيل على خطة تمهد الطريق لعملية عسكرية برية واسعة تستهدف مدينة غزة ومناطق أخرى داخل القطاع المحاصر.

رفض أممي وتصعيد ميداني

قال فولكر تورك إن تنفيذ خطة السيطرة العسكرية الكاملة على غزة يتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية الذي ينص على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بأسرع وقت ممكن، كما يُقوّض أي فرص مستقبلية لتحقيق حل الدولتين، ويُنكر على الفلسطينيين حقهم في تقرير المصير، وهو أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

وأشار المسؤول الأممي إلى أن الخطة المقترحة قد تفتح الباب أمام مزيد من العنف والانتهاكات، وتفاقم من الوضع الإنساني المتدهور أصلًا في قطاع غزة، حيث يعيش السكان تحت حصار خانق منذ أكثر من 17 عامًا.

مداولات إسرائيلية تكشف انقسامًا داخليًا

وبحسب ما أوردته وسائل إعلام عبرية، قدّم رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الخطة للمصادقة عليها بندًا بندًا، ما أتاح للوزراء تأييد بعض البنود ورفض أخرى، لكن رغم التباين في المواقف، تم تمرير الخطة كاملة، في خطوة يرى فيها مراقبون محاولة لامتصاص الخلافات السياسية الداخلية دون التراجع عن التصعيد الميداني.

وأوضحت التقارير أن تمرير الخطة بهذه الطريقة يمنح الجيش الإسرائيلي ضوءًا أخضر لبدء التحضيرات لعملية برية واسعة في غزة، ما يُنذر بتكرار مشاهد الدمار والنزوح التي شهدها القطاع في العمليات السابقة.

تحذيرات من كارثة إنسانية وشيكة

القلق الدولي لا يقتصر فقط على الجوانب القانونية، بل يمتد إلى البعد الإنساني الذي بات يشكل صلب التحذيرات الأممية، فخطة التوغل العسكري الكامل في قطاع غزة تأتي في وقت يواجه فيه القطاع انهيارًا شبه تام في خدمات الصحة والمياه والتعليم، إلى جانب أزمة غذائية خانقة ونقص حاد في المساعدات الإنسانية.

وأكد تورك أن أي تصعيد إضافي سيؤدي إلى تعميق الكارثة، مشددًا على ضرورة حماية المدنيين، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، وإعادة الاعتبار للقانون الدولي الإنساني، الذي يُلزم الدول باحترام حقوق المدنيين حتى في زمن النزاع.

خطة السيطرة الكاملة تفكيك لحل الدولتين

أحد أخطر ما في الخطة التي أقرتها حكومة الاحتلال هو ما تحمله من رسائل سياسية، فبدلًا من دعم أي مسار تفاوضي قائم على حل الدولتين، تُعيد هذه الخطة إنتاج سياسات الضم والسيطرة العسكرية، ما يُقوض أساس أي تسوية مستقبلية تقوم على العدالة والمساواة وحق العودة.

ويرى خبراء القانون الدولي أن هذه الخطوة تمثل تحديًا للمجتمع الدولي، وتمهّد لمزيد من الفوضى في الشرق الأوسط، خاصة إذا ما اقترنت بتوسع الاستيطان في الضفة الغربية، وغياب أي أفق سياسي حقيقي يعيد بناء الثقة بين الجانبين.

يعود الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة رسميًا إلى عام 1967 بعد حرب يونيو، قبل أن تنسحب إسرائيل من داخل القطاع في عام 2005.. رغم هذا الانسحاب، بقيت إسرائيل تُمارس سيطرة شاملة على المجال الجوي والبحري والمعابر، ما أبقى غزة في إطار القانون الدولي تحت تصنيف "أرض محتلة".

وقد سبق لمحكمة العدل الدولية أن أكدت في فتواها بشأن الجدار العازل عام 2004، أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يترتب عليه التزامات قانونية واضحة، من ضمنها الامتناع عن نقل السكان أو ممارسة تغيير قسري في طبيعة الأرض أو سكانها.

كما أن قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت مرارًا أن حل النزاع يمر عبر احترام قرارات الشرعية الدولية، ووقف الإجراءات الأحادية، بما في ذلك التوسع الاستيطاني أو الضم أو تغيير الواقع القانوني في الأراضي المحتلة.

أما على الصعيد الإنساني فقد شهد قطاع غزة حصارًا شاملًا منذ عام 2007، بعد سيطرة حركة حماس عليه، ما أدى إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، بحسب تقييمات الأمم المتحدة. وتكررت العمليات العسكرية الإسرائيلية عليه، كان آخرها العدوان الذي بدأ في أكتوبر 2023، والذي فاقم الأوضاع بشكل غير مسبوق، وسط شلل دولي وتراجع قدرة المنظمات الإغاثية على العمل الميداني.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية